نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّ الكعب العالي نوعان:
· الأوّل: ما كان حادّ العقب عاليا من جهة العقب فقط.
فيذكر العلماء عدّة عللٍ لتحريم هذا النّوع من الكعب العالي على المرأة، منها:
1- أنّه يُميل المرأة، فتدخل في قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا .. حتّى قال: وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا )).
[رواه مسلم].
2- أنّه يُحدِث صوتا لافتا للانتباه، فيلحق بالخلخال الّذي قال فيه المولى عزّ وجلّ:{ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ }.
3- أنّه ثبت ضرره على صحّة المرأة وخاصّة على ظهرها والعمود الفقريّ، والدّراسات العلميّة والأبحاث المقدّمة للمجامع كثيرة في هذا الموضوع، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ )).
فمن أجل العلّتين الأوليين فإنّه يحرم عليها لبسُه أمام الأجانب.
ومن أجل العلّة الثّالثة فإنّه لا يجوز للمرأة أن تلبسه أمام النّساء أيضا.
· النّوع الثّاني: ما كان عاليا من بدايته إلى نهايته، وليس حادّا من أيّ طرف. فهذا جائز إلاّ في حالتين:
1- الحالة الأولى: إذا كان أسفله مصنوعا من مادّة تحدثُ صوتا.
2- الثّانية: أن تتّخذه المرأة لغرض دنيء وهو الاستشراف للرّجال.
فإنّه أوّل ما ظهر الكعب العالي إنّما هو في نساء بني إسرائيل، بغرض الاستشراف للرّجال، وليراها الرّجال.
روى عبد الرزّاق في " المصنّف " عن عبد الله بن مسعُودٍ بسند صحيح قال: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعاً، فَكَانَتْ المَرْأَةُ لَهَا الخَلِيلُ تَلْبِسُ القَالِبَيْنِ تَطُولُ بِهِمَا لِخَلِيلِهَا، فَأُلْقِيَ عَلَيْهِنَّ الحَيْضَ ".
قال الرّاوي: فقلنا لأبي بكر: ما القالبين ؟ قال: رفيصين من خشب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وهذا وإن كان موقوفا، فحكمه حكم الرّفع، لأنّه لا يقال بالرّأي "اهـ.
ومعنى ( فأُلقِي عليهنّ الحيض ) ليس معناه ابتداء أمر الحيض، فإنّه مكتوب على بنات آدم جميعهنّ، وإنّما المقصود أنّه ابتلاهنّ بطول مدّة الحيض، أو كثرة نزوله عقابا لهنّ.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.